موضوع: حسن التوكل على الله الأربعاء 16 نوفمبر 2011 - 0:07
حسن التوكل على الله فإن للتوكل على الله تعالى منزلة عظيمة في الإسلام، يلحظها من تأمل النصوص الواردة فيه، وكل عبد مضطرٌ إليه، لا يستغني عنه طرفة عين، كما أنه من أعظم العبادات من جهة توثق صلته بتوحيد الرب سبحانه، يقول تعالى: وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ [الفرقان:58]. في هذه الآية أمر من الله تعالى لنبيه أن يتوكل عليه سبحانه وتعالى، وألا يركن إلا إليه؛ لأنه الحي الذي لا يموت، وهو القوي القادر سبحانه وتعالى، ومن يتوكل عليه جل وعلا فهو حسبُه، أي كافيه ومؤيدُه وناصرُه، ومن توكل على غير الله، فإنما يتوكل على من يموت ويفنى، والضعف والعجز يعتوِرُه من كل جهة، ولأجل ذلك فالمتوكِّل عليه يضيع ويزيغ، وكل من اعتمد على غير الله فقد ضل سعيه.
فدلّ ذلك على فضل التوكل على الله جل وعلا وتعليق القلب به سبحانه.
والتوكل معناه: صدق اعتماد القلب على الله عزوجل في استجلاب المصالح ودفع المضار، من أمور الدنيا والآخرة كلها، وأن يَكِلَ العبد أموره كلها إلى الله جل وعلا، وأن يحقق إيمانَه بأنه لا يعطي ولا يمنع، ولا يضر ولا ينفع: سواه جل وعلا.
وقد حَضَّ الله عباده المؤمنين على التوكل في مواضع عديدة من الكتاب العزيز، وبيَّن سبحانه ثمراته وفضائله:
وفي السنة المطهرة تكاثرت النصوص الموضِّحة لأهمية التوكل والحضِ عليه، ومن ذلك ما رواه الإمام أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجة عن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: { لو أنكم توكَّلون على اللّه حق توكله، لَرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خِماصاً، وتعود بِطاناً }.
قال الحافظ ابن رجب رحمه اللّه: ( هذا الحديث أصلٌ في التوكل، وأنه من أعظم الأسباب التي يُستجلب بها الرزق )، قال اللّه عزوجل: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ [الطلاق:3،2].
ودلَّ حديث عمر المذكور على أن الناس إنما يُؤتَون من قلة تحقيق التوكل، ووقوفهم مع الأسباب الظاهرة بقلوبهم، ومساكنتِهم لها، فلذلك يُتْعِبُون أنفسهم في الأسباب، ويجتهدون فيها غاية الاجتهاد، ولا يأتيهم إلا ما قُدِّرَ لهم، فلو حققوا التوكل على اللّه بقلوبهم لساق اللّه إليهم أرزاقهم مع أدنى سبب، كما يسوق إلى الطير أرزاقها بمجرد الغُدوِّ والرّواح، وهو نوع من الطلب والسعي، لكنه سعي يسير. وهذا ما يشير إليه قوله صلى اللّه عليه وسلم: { لرزقكم كما يرزق الطير.. }، ومعناه أنها تذهب أول النهار خماصاً، أي ضامرة البطون من الجوع، وتتجه إلى غير وجهة محددة، تطير وتبحث وتسعى، ثم ترجع آخر النهار بطاناً، أي ممتلئة البطون.
وصح عن النبي صلى اللّه عليه وسلم فيما رواه عنه جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنه أنه قال: { إن نفساً لن تموت حتى تستكمل رزقها، فاتقوا اللّه وأَجْملوا في الطلب، خذوا ما حلَّ ودَعُوا ما حَرُم }[رواه ابن ماجة والحاكم وابن حبان].
وقال عمر رضي اللّه عنه: ( بين العبد وبين رزقه حجاب، فإن قَنَعَ ورضيت نفسه أتاه رزقُه، وإن اقتحم وهتك الحجاب لم يُزَدْ فوق رزقه ).
وقال بعض السلف: ( توكَّلْ تُسَقْ إليك الأرزاق بلا تعبٍ ولا تكلف ).
و من امثلة حسن التوكل على الله إبراهيم عليه السلام في قصة حرقه بالنار- موسى عليه السلام في لحاق فرعون وقومه له عند البحر- أصحاب الكهف والرقيم في نومهم بالكهف تاركين الكفر وأهله.وترتيبات رسول الله صلى الله عليه وسلم للهجرة للمدينة من استئجار دليل مشرك ليدله على طريق الهجرة للمدينة وغير ذلك - موقفه في غزوة بدر الكبرى كان الأنبياء يفعلون أسباباً يحصل بها الرزق و يحسنون التوكل على الله .